Pages

الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

خطاب إلى الشعب السوري

هذا خطاب إلى أخوتي في الوطن، كنت قد نشرته في الحوار المتمدن بتاريخ 24/6/2010 وأنشره هنا للتأكيد مرةً أخرى أنه لا بد لنا من الاتحاد والوقوف جميعاً في وجه هذا النظام. إن التراجع أو الحياد هو مشاركة بجرائم هذا النظام ومصادقة عليها.
خطاب إلى الشعب السوري
مشكلة ما يسمى بالنظام السوري هو أنه يتجاهل ويرفض الاعتراف بأنه هو المشكلة وأن حل المشكلة يبدأ بتنازله عن السلطة وإعطاء الفرصة لجيل جديد وفكر جديد للخروج بسوريا من الحفرة العميقة التي أوقع النظام سوريا فيها على مدى عقود. ما زال بشار مقتنعاً بإيحاء من المقربين إليه وهم أصحاب القرار الفعليين في قيادة سوريا، بينما بشار هو واجهة لهم ليس إلاَّ، أن الشعب يريد أن يصل إلى تسوية معه وهذا قمة الغباء. لأن الشعب لا يسعى إلى تسوية، بل يسعى إلى قلب كافة الموازين أي أن الحقوق التي سلبت ستعاد إلى أصحابها. والرئيس سيكون موظف شاء أم أبى. مفهوم القائد الخالد العبقري الحاكم بأمر الله انتهى. ومن الآن فصاعداً من سيحكم هو الشعب والقيادة التي ينتخبها. إنَّ الأشخاص الذين يتحدثون باسم المعارضة مسئولون أيضاً عن هذا التضليل، فهم يفتقرون إلى الشفافية في الاعتراف بشكل مباشر بأن مطالب الشعب هي إسقاط النظام لا الإبقاء وعليه وإجراء عمليات تجميل له.
على السوريين جميعاً فهم ما يلي:
1. الزمن لا يعود إلى الوراء، إذاً كفى تضليلاً لأنفسنا في اعتقاد أن هناك قوة على الأرض تستطيع إعادة الشباب السوري إلى بيوتهم واستئناف حياة الذل والمهانة كأن شيئاً لم يكن.
2. لا يوجد من يحرك الثورة من الخارج. أسباب الثورة تكمن كلها في الداخل السوري، ومن عاش أو يعيش في سوريا يدرك ما أقول. الإنسان السوري يدرك أكثر من أي وقت مضى أنه لا ينبغي عليه الاستسلام لقدر أن عصابة تحكمه. وأن عليه أن يقف بمذلة في طابور المازوت والمعونة الاجتماعية كأنه شحاذ. أو أن تنتهك كرامته من قبل موظف يقاسمه رزقه فيطلب الرشوة من دون حياء، أو أن يصفع على وجهه من قبل عنصر أمن ولا يستطيع أن يلجأ إلى القضاء. من عاش في سوريا يدرك الضغط النفسي الهائل الذي يسببه النظام للشعب ويدرك أن الثورة هي نتيجة طبيعية لممارسات النظام لعقود. من لا يرى أسباب الثورة فهو أعمى أو يتظاهر بالعمى.
3. في كل ثورة في العالم على مدى التاريخ، يوجد من يحاول استغلال الثورة لصالحه وقد يكون هناك بعض الانتهازيين من السوريين وغير السوريين، الذي يحاولون ركوب موجة الثورة السورية، وتجييرها لصالحهم إلا أن هذا لا يعني أنهم سينجحون وليس الأخوان المسلمين بالضرورة هم البديل عن النظام الراهن. ببساطة الشعب كسر حاجز الخوف وصار بوسعه أن يسقط الحكومة أو الرئيس الذي لا يثبت جدارته. أعتقد أن أكبر تحدي لمن سيحكم سوريا سيكون التحدي الاقتصادي وعليه أقول أنه من شبه المستحيل للإخوان المسلمين النجاح في عبور النفق لأنهم ليس لديهم المقدرة أو الرؤية الاقتصادية الواضحة لاجتياز الاختبار الاقتصادي.
4. على المدافعين عن النظام، محاولة إثبات وجهة نظرهم في قدرته على الإصلاح (وستكون محاولة فاشلة على كل حال!) دون تخويفنا مما هو قادم في حال استمرت المظاهرات. لأنه لو كان القادم سيء، إلاَّ أنه لن يكون أسوأ مما ستكون عليه الأوضاع إذا استمر هذا النظام.
5 .على قادة النظام الذين يعتقدون بغباء منقطع النظير أن منطق القوة والبطش سيضمن لهم البقاء في السلطة، ملاحظة أنه في لحظة ما سينهار الاقتصاد، وسيكون عليهم دفع رواتب الأمن والجيش وموظفي الدولة، ولن يوجد من يقرض نظام فاشي لأن إيران (الداعم الأكبر) له تترنح اقتصادياً وليس لديها القدرة الاقتصادية على إعانة النظام ولو استطاعت دعمه لشهر أو شهرين فلن تستطيع تبنيه كطفل معاق.
6. المؤيدون للأسد لا يمثلون سوى أقلية وعليهم مع احترامنا لوجهة نظرهم، التوجه إلى صندوق الاقتراع والإدلاء بصوتهم لصالحه، وإذا فاز نقول قدر الله وما شاء فعل، وإن لم يفز عليهم بالقبول بنتائج الانتخابات. الجواب في صندوق الاقتراع.
7.الخطاب لم يأت بجديد وهو لم يظهر سوى نرجسية وغرور الرئيس الذي كان يتحدث عن الشعب وليس إلى الشعب. وهو للأسف مضلل من قبل الذين عينوه ويوهموه بأنه محصَّن ضد المحكمة الجنائية. وكما افتقر إلى الكفاءة في إدارة البلاد، يفتقر للأسف إلى الحكمة في الحفاظ على مستقبل أطفاله وعائلته فيظن واهماً أنه ربان السفينة وأن أمواج الرفض الشعبي حالة طارئة ستزول.
8. على المترددين في المشاركة بالمظاهرات بينما هم في دخيلة أنفسهم يتمنون نجاح الثورة، ملاحظة أن ترددهم هذا يطيل الأزمة ويعمقها، وأنهم هم سيدفعون ثمناً باهظاً لاستمرار الأزمة. ويتحتم على رجال الأعمال والمال والصناعة الوقوف بجانب الشعب حفاظاً على مصالحهم الاقتصادية إن لم يكن للقيام بواجبهم الأخلاقي والوطني تجاه سوريا لأن النتيجة النهائية ستكون بصالح الشعب طال الزمن أم قصر.
9. في النهاية هي صرخة تحذير، من أن النظام في حال لم تنجح الثورة في إسقاطه هذه المرة، سيصبح أكثر شراسة وبشاعة وسيستعيد عافيته وسيحاول تهيئة الشعب نفسياً للانتقال إلى نظام حكم ملكي ليحرر نفسه من مساءلة الشعب حول قضية شرعيته ومن زوَّر الانتخابات على مدى عقود، قادر على تزوير استفتاء شعبي يقر بعائلة الأسد كعائلة مالكة.
عاش الشعب السوري حراً أبياً كريماً واحداً.


أنا والتدوين

راودتني فكرة التدوين لفترة طويلة، ولطالما وضعتها على قائمة أفكاري المؤجَّلة إما بسبب الانشغال أو بسبب الإحباط من المشهد العام السائد في سوريا بشكل خاص وفي العالم العربي بشكل عام.  وللحق، كنت أتابع الكثير من المدونات الرائعة الواعدة، والتي انسحب أصحابها (وهم أفضل من كثيرٍ ممن يسمون أنفسهم كتاب وصحفيين ومثقفين!) بسبب قتامة المشهد، وتحول التدوين إلى عمل أقرب إلى العبثي في ظل أنظمة بدت وكأنها أبدية فعلاً. ثم بدأت الانتفاضات العربية واحدةً تلو الأخرى، وكان لا بد لي وأنا المحرومة من شرف المشاركة الفعلية بالمظاهرات داخل سوريا من المشاركة بالنذر اليسير قياساً بما يقوم به الشباب الأبطال هناك حيث يتحدون الرصاص والموت المحتم ويخرجون كل يوم ليحرروا سوريا من نير الاستبداد والخنوع والذل والقهر. عاشت سوريا حرة كريمة واحدة. النصر لهذه الثورة النبيلة، ويسقط هذا النظام الفاشي الذي أخرجنا من التاريخ وحكم علينا بالموت ونحن أحياء.