Pages

الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

المجلس الوطني

لا أعتقد أن هناك مواطن سوري لم يصبه الاحباط الرهيب بسبب أداء المعارضة السورية التقليدية في التعاطي مع الانتفاضة الباسلة، ومن مجلس إلى آخر ومن مؤتمر إلى آخر، تم بحمد الله انجاز تشكيل المجلس الوطني برئاسة غليون صاحب الفكر الخلاَّق والنير. ولكن المجلس الموقَّر ليس لدى واحد من أعضائه في المكتب الاعلامي مثلاً أو المكتب التنفيذي أو المكاتب الأخرى (التي لا نعرفها) بضع ساعات ليضع لنا قائمة ذات مصداقية بأسماء أعضائه (خاصة أصحاب المواقع المهمة) وبسيرهم الذاتيه حتى يعرف المواطن السوري البسيط أولئك الذين ينتحلون صفته في دوائر صنع القرار العالمية ويتحدثون باسمه في المنظمات الدولية، ويدعون التدخل الأجنبي المموَّه بقبعات زرقاء وأيادي بيضاء تغدق على سوريا جمائل الحرية.  إذا كنا قد أعطيناكم شرف تمثيلنا والحديث باسمنا، أليس من حقنا عليكم أن تكونوا أكثر شفافيةٍ معنا؟
لا نعرف الكثير في الحقيقة عن هذا المجلس، وكثير من وجوهه هي أسماء لم نسمع بها من قبل وفجأة طفت على السطح وأصبحت من قادة الثورة ومنظِّريها. أليس من أبسط مظاهر احترام الشعب والديمقراطية أن تقولوا لنا من أنتم كأفراد؟ ماذا فعلتم على مدى 48 سنة من الحكم الأسدي؟ سوريا ليست غنيمة حربٍ يا سادة. سوريا تمر بمخاضٍ عسير لولادة الحرية التي لم نعرفها منذ ولدنا. كيف تمثلوننا ونحن لا نعرف شيئاً عنكم، ثم تطلون علينا من خلال الفضائيات بصفات لم ينزل الله بها من سلطان، فمن متحدث إلى ناطق إلى مؤسس إلى.. إلى... ارحموا عقولنا احتراماً لدم الشهداء.
يا أبناء شعبي، إن الثورة التي بدأها الأطفال في سوريا، يجب أن تبقى سورية بامتياز، وعلى المجلس الوطني إن كان وطنياً فعلاً التعامل بشفافية مع الشعب السوري وعليه محاولة استقطاب الفئة التي لم تشارك حتى الآن وهي مع الثورة قلباً وقالباً. يا أبناء شعبي ان ثورة تنتصر بقوات الأجنبي، لا خير فيها لنا، ولن تأتي بالحرية التي نموت من أجلها. يا أبناء شعبي آه لو ترون ما أرى من هدرٍ لكرامتنا وذل لا ينتهي على عتبات أولئك الذين يدق المجلس الوطني أبوابهم ليدخلوننا جنة الحرية التي نحلم بها فيلقون لنا بالفتات ونرفع اللافتات بسذاجة لشكرهم على جمائلهم. يا أبناء شعبي لا خير في حرية يصنعها لنا الآخرون، فندخل في أصفادهم بملء إرادتنا، ثم نتساءل لماذا لا نشعر أننا أحرار بعد. سيسقط النظام آجلاً أم عاجلاً والنصر صبر ساعة، وعلينا بدل إضاعة الوقت والجهد في دق الأبواب الأجنبية والتسول في أروقة المنظمات لمن يبني لنا وطناً حراً كريماً، أن نشحذ الهمم ونسحق العار ونسقط النظام بأيدينا لا بيد عمرو.
من منَّا لم يقرأ عن الشريف حسين ومراسلات حسين مكماهون، ومن منَّا لم يدرك حقيقةً أن الشريف حسين  "لم يكن يرى أبعد من أرنبة أنفه" فاستنجد بالبريطانيين لدحر العثمانيين، فاستخدموه ثم خذلوه وخرج العثمانيون من الباب الخلفي ودخل البريطانيون من البوابة الرئيسية. على ماذا يعوِّل المجلس الوطني هذا؟ من ذلك الساذج الذي يعتقد لوهلةٍ أن التدخل الأجنبي في سوريا سيكون فعل خيرٍ بالمجان، وليس على حساب مستقبل أطفالنا. أنخرج العصابة الأسدية من الباب الخلفي ونترك باب الدار مشرَّعاً للعصابات الطامعة في موضع قدم في سوريا لأهداف سياسية تتعلق بطموحاتها الجامحة؟ هل ثرنا ضد التغلغل الإيراني فينا لنسمح بتغلغل آخر ملوث بالنفط وآخر همه هو حقوق المواطن السوري وحريته وكرامته؟
لا خير في حرية يمُّن بها علينا الآخرون، لا خير في خبزٍ لا نخبزه بأيدينا، لا خير في غدٍ لا نصنعه بدمنا وعرقنا. يا أبناء وطني، نحن صبرنا على الهوان والقهر 48 عام، ونهضنا وبصقنا في وجه جلادنا فلا تقبلوا بجلادٍ آخر يستعبدكم لأنه رفع عن رقابكم ساطور العصابة الأسدية واستبدله بساطور جديد.

ليست هناك تعليقات: