Pages

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

العقوبات الاقتصادية

العقوبات الاقتصادية التي أقرتها الجامعة العربية ضد النظام السوري هي جريمة "استهتار" لا أخلاقية بحق الشعب السوري وحده وسخرية صارخة من آلامه وتضحياته.  هذه العقوبات لا تستهدف النظام فعلياً وهي ليست سوى خدعة بصرية، وإن طالت أحداً فلن تطال سوى الشعب السوري المقهور. هذا طبعاً ليس اكتشافاً فريداً، فمن منَّا لا يعرف أن العقوبات بغض النظر عن من يفرضها لا تضر نظاماً مافيوزياً ديكتاتورياً بل تؤذي الشعب فقط؟ من رأى مثلاً أثراً واحداً سلبياً للعقوبات على الطاغية صدام حسين وأعوانه؟  غير أن العقوبات نفسها أزهقت أرواح نصف مليون طفل عراقي بسبب نقص الحليب والأدوية.
نص العقوبات جميل وخادع ولكن قراءة ما بين السطور لا يمكن أن تقود إلاَّ إلى نتيجة واحدة، وهي أن المؤامرة الحقيقية موجودة فعلاً على الشعب السوري النبيل الذين يتحدى آلة القتل كل يوم وعلى ثورته المباركة. وما ترحيب أمريكا والغرب بهذه العقوبات إلاَّ إمعانا في السخرية من جراح الشعب السوري، فالغرب يدرك أن نص العقوبات هو نص رديء ليس هناك آليات فعَّالة لتنفيذه وهو عديم الفعالية أصلاً، ولهذا استمر النظام السوري في غطرسته ولم يكترث بهذه العقوبات أصلاً.  
1-     فالبند الأول يتحدث عن تجميد أرصدة "الرئيس" والشخصيات والمسؤولين السوريين في الدول العربية. يا سلام يا جدعان، ومنذ متى يودع الزعماء العرب أموالاً في الدول العربية؟ الطغاة العرب لا يستثمرون في ديار بعضهم البعض ولا يثقون ببعض أصلاً فكيف يثق حرامي بحرامي مثله.  ولكن ماذا عن الأرصدة في إيران وروسيا والهند والبرازيل وكولومبيا وفنزويلا و... و...؟
2-    ثم البند الأول تجاهل النافذة اللبنانية ولبنان هو ثاني مركز لتبييض الأموال في الشرق الأوسط بعد إسرائيل طبعاً، وتجاهل النافذة العراقية المفتوحة أيضاً؟ وتجاهل ايران! هذا البند اسمه اللا بند .. يعني عديم الفعالية أو لا يمكن تنفيذه.
3-    البند الثالث يتحدث عن التبادلات التجارية مع الحكومة السورية! وهل هناك بالأصل تبادل يذكر سوى بالسلع الإستراتيجية.  يعني ماذا تستورد السعودية وقطر وغيرها من المنتجات السورية التي سيتوقف ضرر عدم استيرادها على إيذاء الأسد وعصابته، وليس على إيذاء طبقة الصناعيين الهشَّة أصلاً في سوريا، والذين يعمل لديهم بعض العمال المقهورين من أبناء الشعب السوري.
4-    ثم البنود الأول والرابع والخامس والسادس والسابع تدور حول نفس الفكرة، يعني جهابذة الجامعة العربية يعملون بمبدأ الشط والمط لعلَّهم يخرجون بوثيقة لها قيمة. وكان يكفي بنداً واحداً بوقف التعاملات المالية مع الحكومة السورية. يعني انظروا إلى المسخرة في البند رقم 5 الذي يتحدث عن وقف التعاملات المالية مع الحكومة السورية. والبند 2 وقف التعامل مع البنك المركزي السوري وكأنه ليس تابعاً للحكومة السورية وجزءاً منها، والبند 2 وقف التعامل مع البنك التجاري السوري. يا ناس يا هو ما نوع ذكاء أولئك الذين صاغوا ذلك النص الفريد؟ أراهن أنه لو أعطي اختبار ذكاء القرود لمن صاغوا هذا النص، لكانت درجات القرود في الاختبار أعلى.
5-    البند التاسع يتحدث عن تجميد تمويل إقامة مشاريع على الأراضي السورية، ما هي تلك المشاريع؟ وكم عددها؟ وكم كلفتها؟ وكيف تؤثر على القوة الاقتصادية للعصابة نفسها؟ أم أن التوقف عن بناء فندق لأمير خليجي سيلقي بعض العمال في شوارع البطالة؟ طبعاً غني عن القول أن هؤلاء البناءين البسطاء هم من الشعب وليسوا من عصابة الأسد. وغني عن القول أكثر أن المشاريع توقفت أصلاً لأسباب أمنية.
6-    نأتي الآن إلى البند الأكثر خطورة وظلماً للشعب السوري. وهو البند العاشر المتعلق بمنع رحلات الطيران، وهنا لا بد أن نتساءل ماذا لو احتاج أحدهم من الشعب للسفر للخارج للعلاج أو التعليم أو حضور مؤتمر أو تدريب أو للهروب من النظام نفسه مثلاً؟ ماذا لو أراد أحد السوريين القدوم إلى سوريا لزيارة أهله؟ كيف سيشلٌّ هذا البند الرهيب النظام؟
7-    البند الثاني عشر هو الأكثر سخفاً وتفاهة! لماذا؟ أولاً: لأنه كيف يمكن للعقوبات أن تؤثر على موظفي الجامعة وهي من المفترض أن تكون هيئة مستقلة عن الحكومات. يعني ما فائدة هذا التلاعب الرخيص بالكلام إذا كانت العقوبات تستهدف النظام السوري.  ثانياً: لأن موظفي الجامعة العربية السوريين هم ليسوا سوى أزلام النظام نفسه.  فنحن ندرك أن مستويات الفساد في الجامعة العربية لا تقل عن مستويات الفساد في أية حكومة عربية وعلى رأسها النظام السوري. وكل من يتاح له العمل في الجامعة العربية لا بد وأن يكون قد تمت الموافقة عليه وتزكيته من قبل المخابرات والنظام الحاكم في بلاده. ولذلك فهؤلاء هم لا شيء سوى النظام نفسه أو من أزلامه. من هو يوسف الأحمد، سفير سوريا للجامعة العربية مثلاً؟ شخصية مستقلة عن النظام؟ من سيجلب معه ليعمل في وفد سوريا، معارضين مستقلين مثلاً؟ نفس الكلام ينطبق على كافة العاملين في الجامعة العربية من كل الأنظمة العربية. ومن الجانب الآخر، ماذا لو لم يسمح النظام السوري للجامعة العربية بالعمل على أراضي "الجمهورية العربية السورية"؟  يعني البند كلام في الهواء لا مغزى له.
8-    البند الثالث عشر هو للضحك والإضحاك فقط، فانظروا إلى سجل الدول الأعضاء في اللجنة التنفيذية في مجال حقوق الإنسان والفساد والقمع. هؤلاء يا سادة يا كرام سيأتون لمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. هؤلاء سيحررون سوريا من بشار الأسد!
ولكن لنسأل أنفسنا أيها السادة، ما هي الجامعة العربية أصلاً سوى تحزبات لعصابات أعداء الشعوب العربية وأولها الشعب السوري؟  الجامعة العربية لا تمثل الشعوب العربية وليس فيها دولة واحدة ذات سيادة، بل هي تجمع بائس لمرتزقة قذرين يتلقون الأوامر من أسيادهم في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها والعقوبات كلها هي لملء الفراغ وتمرير الوقت، فلا بد لأولئك الذين يدعون تمثيل شعوبهم ويسرقون خيرات بلادهم من تأدية عملٍ ما، وفي الحقيقة أن أكثرهم مهارةً في هذه الجامعة العربية لا يصلح لوظيفة "عرضحلجي" أمام دائرة حكومية في سوريا ما بعد الأسد.  التعويل هو على  شباب الثورة فقط.
تسقط المافيا الأسدية....
تسقط الجامعة العربية .....

ليست هناك تعليقات: